مجلة قصيدة النثر

اصوات شعرية

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

وصية أمي _ تهامة رشيد

لكلٍّ منّا وحشَهُ الجميل
الذي يقول له في الملمّات:
الله لا يردّهم
كم كانوا قساة غلي في يوم حاجتهم
ثم يبتسم بوجه المعزين
ويردد كلمات معروفة لاتخرج من قلبه
الله يرحمه
وكأنه يقصف بها الجلسة الحزينة
استمع لصديقتي تحكي لي عن فقد أخيها 
وأنا أفكر هل سأفقد عزيزاً يوماً ما
وأبكي على وحدتي
وأبكي أكثر حين تواسيني
وكأنني صاحبة المصاب.
في تعزية لأحد المعارف -وكنت ابكيه بحرقة-
قالت لي إحداهن:
هل هو من أقاربك؟
قلت: لا؛لكنه بمثابة أبٍ لي.
همست أخرى بأذنها:
كله تمثيل لأن ابنته صديقتها...
هذه إمراة لاقلب لها لتبكي هكذا..
وصل الهمس لعندي عبر الريح
فالدنيا خريف..وعواصف
وبكيت أكثر.
وفي اليوم التالي كنت اغني وأنا أرقص على صوت كارم محمود:
سمرا ياسمرا مرة ف مرة..
...
بعد وفاة أمي باسبوعين نزعت اللون الاسود من خزانتي..
لكنني تحمّلت لسنةٍ كاملة نظرات الزملاء
وتوقعاتهم بأنني من طائفة لاتحزن للموت
فلا يمكن أن يكون اللباس قراراً شخصياً.

كنت مفجوعة ليس بالموت وحده
ولكن بمنعي من إلقاء كلمة وداع لها..
ومنعي من الاقتراب 
أثناء صلاة الشيخ الذي أطال كثيرا الكلام فوق قبرها.
ومنعي من جمع المعزين في صالة واحدة ليكون مختلطاً
فبيئتي لا تفصل بين الذكر والانثى إلا في العزاء..
ذهبت بعد يومين للكوافور(مزين الشعر)
انا وأختاي وقصصنا شعورنا 
تلك وصية امي.
(بس موت قصوا شعركن وحطو مكياج..
واجمعو الياسمين..وعيشوا)

تهامة رشيد 

عن الكاتب

شاعر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مجلة قصيدة النثر