لا أكره أحدًا
أكتفي بمراقبة نحلةٍ تطن في رأسي منذ قرن
وبغُربانٍ تذرع صدري جيئةً ونعيقًا
تسقط أفكارًا لم تكتمل
وترتب جنازاتٍ لم تحدث بعد.
الطريق مغطى بالرايات
لا راية لي
تسلقت حواف الزمن..
ركضًا في فراغ لا نهاية له
صافحتُ الهدهد لكنه لم يجب.
كلّ شيء يكتبني
حتى الأفعى التي عبرت لغتي ذات مساء
تركت سُمّها في فاصلة
واختبأت في قافيةٍ مهجورة.
العالمُ مسرحٌ تهتزُّ أرضُه من الضحك
الممثلون مجانين
يحملون دستوره كأنّه عَصا ساحر
العقلاء...
يُصلحون المقاعد المهترئة
ويصفقون للمذبحة.
أنا امرأة انسحبتُ من الطابور
من صلاة الجماعة
خلعتُ اسمي كما تُخلع ندبة
خرجتُ من الرحم دون شهادة ميلاد
وأغلقت الباب في وجه القابلة
أكتب كي لا أبتلع غبارهم
كي لا يُفسدني نشيدهم الوطني
لا أؤمن بالمخلّصين
ولا بالنهايات التي تضوي في العيون البعيدة
أعرف أن الطغاة
ينامون مبكرًا...
على صرخات الدم بالنشرة العاجلة
ويستيقظون على نشرات الطقس
كلّ توكيد مصيدة
كلّ شاشةٍ شركٌ للمُنهكين
أنا صرخة تُركت في بئر
ظل لا يثق بالضوء
نافذة تطل على اللا شيء.
أُراقب العالم من ثقبٍ في قلبي
لا أبايع
لا أعتذر
لا أبرر
لقد خلعتُ الخوف
وزرعت مكانه وردة خرساء.
أكتب كي لا تضيع بوصلتي العليا
كي لا أُصفّق مع القطيع حين تنطفئ الشمس
كي لا أؤمن أن الحزن امتيازٌ يجب الاستئذان للحصول عليه.
كي لا أسقط تحت رايتهم
أنا كلّ ما أخفيتُه
تحت هذا الثوب
تحت الكتف المكشوف بخبث
والشفاه الماكرة
تحت العطر المنهار كدمعةٍ متأخرة.
كلّ ما فيّ مُحضَّر...
عدا صوتي
الذي يكشط جلدي من الداخل
أخاف أن تتلبسني الأكاذيب
أن أعتادها حتى تنكرني المرايا
أحاول أن أتذكّر:
من أول من سمّى الصمت حكمة؟
من أول من قال إن العضّ على الجرح نُضجٌ لا انكسار؟
ربما كانت روحًا أُحرقت مرات ولم تنبس.
أعرف فقط
أن لساني مثقَلٌ بنذورٍ لا تُقال
وبقبلةٍ أخيرة…
خرج منها طعم الحذر لا الحب.
هكذا تبدأ الرحلة:
من رقصةٍ مشتهاة...
إلى خطواتٍ فوق شظايا زجاج.
وأنا هنا...
ذبيحةٍ تنتظر أن يبتلعها الصمتُ نهائيًا
أنظر في ما تبقّى
في ما لم يُكتب بعد
وأبتسم_ ابتسامة من يعرف
أن الحقيقة تولد عارية
بلا شهود
وبلا اسمٍ عائلي.
لبنى حمادة