مجلة قصيدة النثر

اصوات شعرية

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

نُسيبة عطاء لله _ أنديجو

أنديجو

ماذا عن الرسائل التي لم تُقرأ بأوانها
ولمحنا زرقتها من أرض بعيدة؟
لقد وجدتك فزعا، تغوص في ندوبك الجاهليّة
لحقت بي وأنا سرب
ثم انفضّت عيناك إلى زوالي
ما الذي أوجعني كثيرا؟
أنّني شمسٌ 
ولم ترَني..
 ليس خطبا في هذا الآن
أنّك في الانتهاء افتقدتَني
كن واقفا.. دائما مع أحلام أنكرها
قد أبيعها لراقص في دهماء تخبّطي
أقاسمه نخب المشاتل التي تيبّس ماؤها في العروق
أعطيه من القوافل التي رصصتها لنهاية منصوبة بخيمتك
ولا تعنّي، صرت أعرف كيف أقتصد الذّكرى
أواسي تأخّرها فيك
أمشيك

من تلك البذرة، نجم ربّيته في الضّوء حتّى
لا يُسرق جمال وهمنا باللّيل
وقد أسرفت في التّسميات، أخللتُ بها
إذ عنونت عبورك المزاجيّ بالأنديجو
وها أنا أكتب اعتذاري للكريستال والرّيمبو
وأشاطر شعاعي الأزرق الوجه الحزين للكرنفال
يخطّ كحلي رسائل الغفران
تفتح لي أبواب دنيازاد
الطّاقَ في المعنى
...
هنا أرتاح، يا أيّتها المصابيح العاقرات
وأمنياتي عزاء شاغرة كراسيه
يصافحني ذهول السّاعة الأولى بعد وصول قصيدة للبهو
أدع المراثي مأمورة، لطينِها
أراقب كالمنزاح عن الكلام: القصور تصفّق في ابتعادك
للّحن الذي توارى خلف شتائك
وبيننا شجون السّرد، تفرُّق النّبيذ على الدّموع
..
انسحاق الغرفات بالنّايات
تأخّرك البليغ، 
كيف تسامحه بحاري؟ 
أساطيلك المكابرة عن موانئي 
وموجي عابث في الاكتمال، لمجرّد أن تترصّد سليما
...

رملي المستباح مثل أوطان لم تعد
ألا تحتفل الأصداف بغيابك القمريّ
وأنا تضاريسي الهواء، تهبّ في جوانبي الأحقاب مصطفّة
هزيمة بعد أخرى
وتخرّف المرساة:
هنا أولى الدّماء.. ضحايا الرّيش
كم كانت حارّة عروبتي
وأنا أؤلّب البدايات القصيرة على انقلاب
من حيث ما اغتصب الإفرنج غولنا
تقلّم الحبّ في حكايانا
أيّها البطل المدرّع بالهروب
أيّها الخوف المضرّج بشوك الياسمين
أيّها السّليقة في العناق
...
ويحبطني طوبك في الصّفحات الممزّقة
أرمّم إبهامي وألمّ السّتار عليك
أنت المساء الذي إذا
أرهصَت له الخرافة ماع مع الأنين
ربّما يتساءل العصر عنّا.. أين كان فأين صرنا
وقلوبنا نايات مكسورة في سِنام الباب
بحثك عني من حيث الرّغيف تحنّط في الخرّوب،
من حيث التّراب خِصب على الغيوم

رسائلي، 
يااااااا هذا الأمس المعدود بالسّنين وأمّها ونورسها وعرينها وأريسها وإزميرها وصحائفها وشاتِها وظُلمتِها ونعناعِها وبنّها وآلهة زيتونِها وعادِها وثمودِها 
ونحري...

أصابني سهمك في الجنوب من ساقية الفول العتيق، في الشّرق المطلّ على الرّعاة 
في الشّمال الذّائب بالغيتار
 في الغرب المحسوب على كيوبيد، في العين النّائمة من هرقل
وأُمرت أن أنصاع في سقوطك للمنفى
أحياني القهر، فأحييتُ معي الوقت في أختام الرّشيد
رزمت الذّهب المنثور على جبل المتّسع من كلّ شيء
وقلت للحجر في خُفّي خذني إلى داري..
 شهيدة هذا الدّهر
 
واقفة مثل حائط المبكى 
لا ينقصني الأقصى ولا الأدنى
علّم دموعي، كيف تغرق الأوراق ثمّ تأوب أكُفّا مَهديّة 
على زُلَيخ تكوّمي، لا روح في انتظاري
منذ كتاب الصّين إلى روما
طاعنة لغتي في اجتذابك غصبا عن المدفون بشمس المآتم الكبرى
لنيل الخيل وآية الزّنجير في صفحة النّرسيس
تاريخك المرثيّة المحروقة في دمي.. تاريخك النّقيض لأشياء قديمة
قوّستُها بأعلى مداخل إيجةَ، وزغردت في أغاني العبور
قلت اجلب لي معك الطّود إذا جُدت على أرضي
سمّها إذا لم تلتقيني أرضي
فقد حفرت في النّخل المعلّق عرشا، وحكمتُ حرب السّدى
بهدوء الماضي في كسور البخور
على الجلد المعطّر بالقبور...
وخنتني، في الكبريت المعجون بشمع الطّريق.. لماذا أشعلت في وحدتي عينيك؟
وجلبت البادية إلى غدائي الفرنسيّ

اطحنِّ إذن مع الحميس في ليالي الأمر، عندما يقرّر الرّصاص أن يحتفل في الحقول
بميلاد بَسوس هذا القلب الذي باح مع الهدير
وقل حَيّ على الوصال
تأتيك الضّفاف راكعة وضحكتي معها
من كلّ فجّ سيقَت إليه أجيرةً

مع اللّقالق أتوضّأ الرّيح
وأبكي في سجود الكهف، حِراء هذي الجزائر المتعبة
وأمدّ أطرافي حتّى يلمس الملح في بُراقيَ اللّهَ
اللهُ الذي يدري عن البئر في الرّؤيا
عن السّجن في العشق
عن البقرات السّبع في السُّقيا
عن الجماجم في المروحة
عنك في خارطتي الفلكيّة

وكانوا يؤمّنون خلف دعاء المرايا،
الذين عرجوا إلى السِّميان
وقرؤوا عن أرضنا الجديدة في تعاريج الكاهنة
لقد أتيت، واثقا بالبحر خلفك
بالموت أمامك، بالحزن فيك، بالحبّ بي
وفتحتَ جرحا طويتُه في نافذة الواتساب
كأنّك أسرجتني من المدى إلى الإغريق
والعطب بي ثومٌ معلّق كالنّول في زاويةٍ بقصر الثّقافة!
الثّوم الذي تضفُر الولّادات
الولّادات لمّا يقلين الزّيت لطبخة شتويّة
على نشيد ما
ويزغردن، كأنّما يُلصقن رواقا بآخر
هل هكذا تمنّى الرّواقيون؟

ويشيدُ بك السّوسن، وأنت تتدرّج في اقتناصي
تفتحني سَرحا فساحا فجحرا فجسرا فوريدا فوَردا
وتلقّمني الحليبَ مجدّدا 
تعلّقني بالعيد، والقرنفل والعقيق 
تزجّ بي صواعات المآسي لتأخذني إليها أسيرة حبّ
لم يغتسل من الأصنام
وأنادي على عقبةَ في جوار قصيدة، عسى الزُّلم الذي وطأت يدي 
يختارني للحوت...

ها تحرّرتُ مع الذين تحرّروا، وبقيتُ في رعاية اليقطين
أنبت باللّحم الذي ستنهشُ في حضورٍ كافر
مستقبِلا موتي القليل عليك، بالقرميد الأحمر
من قاموس الدّار
بشبهِكَ الطّاعون بسلالتي
بالرّوح التي نسختَ من أثينا ونقشت في قلبي
صور الكنائس التي احتكّت بالقباب
وراح ضحيّة هذا الحلم جرس الصّباح 
عند سفينةٍ أنت الأدرى بها

هاتِ النّار هات
لأنّ المَرلين كان أوضح من نهار القيامة
كن أرحم على عيني الثّالثة وأنت تتقمّص الآتين الأوّلين والآخِرين من كلّ أمّة تحلّلت في البحر
كن مطلعا للفجر
ودُقّ السَّكينات ببعضها، ليخرج الصّهيل في الصّور البكماء فوارسًا
جواد ذي يزن، أو ذي قرن أو مروج خيال 
وتحلّق الغزلان حول عشائنا، يفيض في البقايا كتاب الأغاني، نسخر مع الأصفهاني
عن أسئلة المعابد وهي تفتّش في الإيمان المدخَّن عن ربّ لا يعرف المزاح أمام دمع العازبات
اختبرني بفحولة الرّب الذي أشهرتَه على خشوعي، كلّما زكّيتُ لطيفكَ نُعمان دمي
وسأشتريك بانتفاخ حناجري، من الأسواق التي زرعَت أبي في كلّ شعبة من شعابها
فأفلست أمام الحياة،
 كما جدّاتي أمام التّوابيت المحمّصة
لسوف هذا الهواء يُراجع أزرقَك الأزوريّ بخفقات الحساب الأخيرة
ثمّ أسدّد عنك مسرحيّة هاملت في شباكي
أَبلغ معك الأكاليل التي تنتظرنا على الخشبات، تتوّجني بنصر لا ينتهي على مِلح الملاحم في التّجاهل.

أنا لي الحقّ بأن يُفضي غدك إليّ
على هيأة الشّطر نحو البيت 
قد كنت أعرف أنّك تعرفني
ودارت بي الجلاجل حتى تعرّيت
على مرأى الجغرافيا الحرّيفة من عناقك القصير
سفرا على سفر، أصيبت حقائبي بكلّ سوء
ليس بهيّن الماء الممزّق في صمت أمّي، لمّا طيّرت زوابعُك حمائمي.. قالت بكسر الهاء في السّكين:

- واللهِ إنّ العشق... ماذا كان لو كنت تجرين في
 حريرٍ ما
تكتبين فصلا لَبلابا لزوال هذي السّواحل التي ترين 
تمادت في جيناتِنا
ليتكِ البحر حلوا في آيةٍ تشرق من صميم اللّيل، تفتحين للعبث المرتّب زمزما، رواقا في الأقمار القاحلة من ضوء!
..
وقالت:
- قد أحبّوا جميعا وعادوا، ونحن تلعثمنا مع الباقي من الآيكا
هذا ما تبقّى من مطر الشّاش والمازهر وبخار الحلم على لوحات حزب الأعلى 
وزفاف السّماق في تحالُف ورش والجدود السّارين فينا
أنت والرّسائل المسفوكة من أيلول، واضحة الظّباء
في غابات الاختزال
لن أحمل أيّ نور في انتظارك
نحن نذوي في الحياة تباعا
لأنّ الحياة ترث الحياة.
وقلتُ:

- لأنّني أشبه الياقوت المكسّر
لأنّني أحمل في السّهر عادات قديمة، أجرّ الصّحراء في مطري
لهذا أحببتَني صمتا واخترت 
حكاية تخلّد وجهة النّهر نحو البحر
ماذا لو دفعت مهريَ للبراري قدَرا عدمًا، وأتيت نَغيض معا في باطن  الهال
نركض سويّا كخاتم فضّي يتجوّل كالعواطف في سماء الشّام
تعال نُفرط في إتحاف لحظة ما كبُرَت كالبلد في جسد المعطوبين
تعال إلى زمنٍ كان يحبّنا، وكنّا فيه من معطيات الحنين
نرتدي أجمل ما في الخزانة لموعد جبلين
تعارَفا في الهونزا
هذا التّوازي، هذا الالتحام الخالد
هذا البسيط في المعجزات
منك ومن سكرة الظهيرة، شكَت ذِراعي: - هل جئت قبلي على رياح الشّعر، تحفر في يونيو عادات الاصفرار؟
كم بقيتَ في الماء حتى بهُتت كلماتك مثل ثياب الميّتين تحت الشّمس؟
أنا طفلة الأزهار، قبل اللّوز أمزّق الأخضر بالبياض، أشعل الحبّ في القباب الجائعات، أسير نجما على وَتر البُعولة
أيها المسّنّن في بدايات الذّكورة
أيّها السّيف في القبلات
لماذا جئت؟!

لماذا الحبّ يصنع القهوة من الماء، ويشربها مع اليابسة؟

لعلّ درب البنّ يرعى الصّلاة
لعلّني نسيتُ في شفتيك اسما آخر؟

قد لن تغفر لي أبدا المحوَ فيك
قد أرتاب من السّواد، كما لوّثتَني أنت
قد أغرف من مألوف الطّارِ فينا
قد أنساك، كما علّمتَني أنت
قد أنتمي ولا أنتمي
وأزورُ العيد في هناك حيث لامستَني شرودا ثمّ أمعنتَ في نُعاس الحيّ:
كان بائع السّردين يعيش من خلفِنا، كان الجماد فحلا في الكينونة، كانت الأضداد تحيا
كان الوقت كما يشاء
إلّا الأغواط في عينيك.

ولم يضمّد هذا الوطن المذبوح في خصري، حتّى حِزامَ عروبتي
منذ أخذتَ معك يديك، انتزعتَهما من حبقي
حرّفتَ لآليء الحَور في شغف الثّانية صباحا
نزعتَ إلى حربٍ أخرى، لا موت فيها بقدْر قتلًى صاروا طحالبَ تدغدغُ بقايا الأمل في القاع...

كنتَ على حقّ

الكلاب أحنّ من الذين ورثوا دموع الخيل في صلصالِهم
وبادوا في وحشَتهم
فهل رأيتَ اللّيل وأنت متّجه لغابات الطّبول
هل ساح دمٌ في طريقك لدولة عظمى تخلو من النّاعور، من الفاسوخ، من المِهراس، من السّميد، من البارود، من لاقمي الذّكريات من قلبِكَ المفتون

أنّك أردت أن تُزكّي بي على فائض الأرض في حولك
لو للضًفاف مَقابضُ كالأبواب
أزرعها في حدود السّنين التي تكبو على غفلة
فتُهدى لسياج النّار حطبا غريبا
كي يَسخر العنب في صُواع أوليوس
ولِيبدو أنّ الأصابعَ شاهدَت ما لم يرَ الهاربون
أليس هذا شهيًّا
لقلبِك المطعون؟!

________________________
نُسيبة عطاالله/ الجزائر
من ديوان أورجازم

عن الكاتب

شاعر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مجلة قصيدة النثر