مجلة قصيدة النثر

اصوات شعرية

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

إلى أمي _ مريم الشابي

إلى أمي

هذا الصباح ..ألقيت يدي على الهاتف قبل أن أفتح عيني ..

كنت مذعورة جدا من أن تلوميني أني تأخرت عن مهاتفتك 

ارتجف الدمع في عيني، والتهبت وجنتاي . 

إنك لست هنا و هاتفك بارد كجبين ميت في حر الصيف، لا حرارة تبعث فيه الإنارة

 انطفأ تماما كما انطفأت بعدك، مع أني كنت مصرة على الاحتفاظ به عندي ..

إلا أنني لم أستطع تحمل الاحتراق الذي يصيبني كلما ألصقته بخدي

 إنه لا يبث صوتك في أذني

 إنه يهذي و يقول أشياء كثيرة إلا أنه لا يحتفظ لا بشهيقك ولا زفيرك ..

كم وددت لو أنني أسمع حتى سعالك أو عطاسك لكنه لا يمرر لي شيئا من هذا، لا يمرر غير صوت موظفة الاستقبال وهي تخبرني: أنه يتعذر علي الحصول الآن على مخاطبي 

كان لك شريحتان في الهاتف واحدة منهما كان يؤلمني رقمها كثيرا ..

آه لو تعلمين يا أمي 

لم أعلم يوما أن الأرقام قد تؤذيني و تسلب كياني غير أني في غيابك سبرت كل شيء و ضاجعتني كل خيبات الزمان

 كنت دائما تصرين على شحنها لسبب مقنع أنه يأتيك عبرها امتياز مالي يوفر لك زمنا أطول من المكالمات و محادثتي عديد المرات في اليوم

 بعدك قمت مثلك بشحنها فأتى صوت الرسالة عبر الهاتف كالسهم أصاب مقلة قلبي 

كرهت الحديث مع الناس وابتعدت بإرادتي و دون إرادتي لم أجد أصفى أو أنقى من نظرتك في وجهي و لا ألذ من لمسة يدك على رأسي.

أمي أصبحت نصف كائن

 والنصف الباقي رحل معك

 ينبش التراب ليعيدك  إلي 

فلا عاد بك و لا عاد هو إلي .

أمي: بعدك عدت شقفة فخار تنكسر كل لحظة لأعيد ترميمها ببعض ماضينا و الكثير من الدموع  و ما زادني الدمع إلا تشققا 

أخجل أن أخبرك أني صرت كقطعة أرض جافة تبحث عن غيمة تحمل بعض قطرات المطر الممتلئة من السماء حبا تهبط على قلوب بعض البشر ليهبوه لي .. 

لكن، أعود خائبة بحزن أكثر كثافة كدخان الغابات المتعانقة صيفا 

كل الحب كان أنت يا أمي حب الطفولة و الصبا

 وحب الموت لا حب الحياة بعدك

مريم الشابي

عن الكاتب

شاعر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مجلة قصيدة النثر