أنا جائعة
وليس في بَيْتي ملِّيمٌ واحد
ولا ذرةُ مِلح
ولا قشْرةُ بصَلٍ واحدة
ولا أعرفُ كيف يمْكِنُ لامرأةٍ وحيدة
محكومٌ عليها بتَكَبُّد عِفَّتِها الفاجعة
وتحمِلُ على كاهلِها كلَّ هذا الخجل
أن تتصرَّفَ في مثْلِ هذا الهزيعِ الأخيرِ من الليل
.
قلْتُ أهدهِدُ جوعي في ذيَّاك الكِتاب
لكِنَّ خناجرَ أسئلتِه الفولاذيةَ تحفُر جوعي
وجوعي يحفرُني
.
قلْتُ أرشْرِشُ تشقُّقاتِ روحي بماءِ القصيدة
وما إن شرعتُ في كتابةِ أوَّل سطر
حتى الْتَهمَه الجوعُ منِّي
.
قلْتُ أهربُ في النَّوم
علَّني أحلُمُ بسوقِ العَيْش
لكِنَّ النَّومَ الجبانَ لا يمْسَسُ عيونَ الجَوْعَى
.
الليْلُ الأزرقُ باذنجانَةٌ غضَّة
ستلتهِمُها الشمسُ بعدَ قليل
والسحابُ الماشي غزلُ بنات
يذوبُ بنعومَةٍ على شفَتَي الريح
والنجومُ البعيدةُ عُمْلاتٌ فضِّية
لا تطولُها أيْدِي الفقراء
وأنا وراءَ النافذة
أقِفُ كطريحةٍ لا تسْندُها سوى بقايا إرادةٍ مُرَّة
أقَلِّبُ وجْهي في السماء الثقيلةِ الواجمةِ وأدعو :
احدِفْ لي ولَو رمانةً عطبةً من جنَّتِك
احدِفْ أيَّ تينَةٍ ناشِفة
سقَطَتْ تحتَ أرجُلِ مؤمِنيكَ الجالسينَ على أرائِكِهم
قبْلَ أن تكنُسَها الملائكةُ في الصَّباح
لكن
لا عطَبَ في الجَنَّة
ولا صفائحَ قمامةٍ حتى
لقِطَّةٍ جائعة
.
الدموعُ المالحة
تتجَمَّع في صَحْنِ فمِيَ المفتوحِ صوْبَ السماء
وكلُّ الأشياءِ من حَوْلي عيونٌ حجَرية
تُحدِّقُ في صمْتٍ
ولا تَرُد.
وفاء المصري