كأس فضة
أَيُّ بُؤرَةٍ مِنَ الإِحسَاسِ
تِلكَ الَّتِي تَدفَعُنِي لِلحَنِينِ؟!
فَعَادَةً مَا أَجعَلُ كُلَّ شَيءٍ لِجِوَارِ رَأسِي،
رَيثَمَا يَغفُو الصَّغِيرُ.
وَعَلَى مَقرُبَةٍ مِنْ عَالَمِهِ
تَزدَحمُ بِالعَابِرِينَ أَزِقَّتِي وَالرِّوَاقُ،
قَاصِدِينَ كَأسَ الفِضَّةِ، مَورِدِهِمْ.
ابتَاعَتْهُ لِي أُمِّي مِنَ السُّوقِ القَدِيمَةِ لِلمَدِينَةِ،
وَمَازِلتُ أَذكُرُ وَجْهَ البَائِعِ،
يَجلِسُ عَلَى الأَرضِ،
مُترَعاً بِأَثلامِ وَجهِهِ،
وَكَأَنَّهُ الزَّمَانُ وَالجِدارُ.
هُنَالِكَ،
حَيثُ تَستَحوِذُ التَّفَاصِيلُ عَلَى يَومِكَ،
يَكسدُ العُمرُ!
تَبقَى الحَقِيبَةُ الزَّهرِيَّةُ المُطَرَّزَةُ عَلَى دَهشَتِهَا،
وَالمِيَاهُ البَارِدَةُ مِنْ مَورِدِهَا،
زَمزَمَ!
رَشْفةٌ تروِي مَا تَيَبَّسَ فِي النَّفسِ؛
فَتُورِقُ مَحَبَّةً، مِسكَاً وَبُهَارَا.
غَبَشٌ مِنَ الذِّكرِ عَالِقٌ،
وَشُعَاعُ الشَّمسِ - فَوقَ رُؤوسِ السَّائِلِينَ- سَكِينَةٌ.
تِلاوَاتٌ مُتَفَاوِتَةُ الدِّفءِ تُعَانِقُ شِتَاءَ مُحرَّمٍ ؛ فَيَستَحِيلُ الجَبِينُ حَيَاءً أَلا يُنَدَّى بِالمَطَرِ.
صَلَواتٌ مِنَ اللهِ تَغشَاهُمْ،
وَعَلَى قَلبِيَ بَردٌ وَسَلامٌ
ثُمَّ أَيُّ حَقِيبَةٍ تِلكَ الَّتِي أُفرِغَتُ؟!
دَائِماً مَا كَانتْ نُصْبَ عَينِي،
أَحمِلُهَا بُثُوراً عَلَى ظَهرِي،
قُصَاصَاتٍ تُرَاقِصُهَا الرِّيحُ يَقظَةً،
قِلادَةً،
أَضُمُّهَا إِلَى صَدرِي بِكِلتَا اليَدَينِ.
أَيُّ حَقِيبَةٍ تِلكَ؟!
أُضَيِّعُهَا فِي انتِظَارِ الوَقتِ،
فِي احتِوَاءِ التَّجرِبَةِ،
وَلا أَصِلُ:
(أَنَا مَا تَعَدَّيتُ القَنَاعـَة وَالرِّضَا
لَكِنَّمَا هِيَ قِصَّةُ الأَشجَـانِ
يَشكُو لَكَ اللَّهُمَّ قَلـبٌ لَمْ يَعِشْ
إِلا لِحَمدِ عُلاكَ فِى الأَكـوَانِ)
أَيُّ شِعرٍ هَذَا الَّذِي لا يُحيِى ذِكرَي
بَينَ الأَحيَاءِ بَعدُ؟!
لأُدِرْ ظَهرِي وَأَشرَعْ مِن جَدِيدٍ،
مِنْ نَافِذَةِ الغُرفَةِ،
لرحابِ الروضةِ.
الحَقِيبَةُ مُعَدَّةٌ دَائِمَاً،
تَذكِرَةٌُ العَودَةِ تُؤصِّلُنِي الحُلمَ، المَكَانَ.
وَالكَأَسُ رَشفَةٌ مِن حَيِّزِ الوَقتِ
آيات عبدالمنعم