في ضيافة البياض
في رواق من نار لا أدري أين أنا؟
ولا كيف أتيت؟
أيهذا الهواء
أنني أختنق
رئتاي جاحظتان خارج صدري
على طاولة الاحتضار
يقصّني الألم كسنبلة على حدّ منجل
وها رأسي يسقط مغمض العينين
بداخله آلاف الوجوه
ما تزال تبحث عن أسرع سبل للانقاذ
بعد أن زرعوا الطاعون في لحم أيامنا
وحقنوا الوهم في شراييننا
وسط موقد الحمى
أتغلغل في عزلتي
في صمتي
وفي انتظاري لهبوب رياحك
أيها الغائب الذي لا يجيء
أناديك والليل جاثم خلف الجدران
يُضرم النّار في تلابيب الجسد
و يعدّني لوليمة اللّهب
أناديك و الموت يتقدّم منّي
مهددا بعشرات من كوابيس الوداع
ها أنا أغادر جسدي المهترئ
محكومة بالرحيل إلى حيث لا أدري
أسمع أصواتا مجهولة كنواح قبيلة من البوم
و ضجيجا هائلا
فرقعة عظام الأحلام والآمال و التنهيدات
المشاهد تنزلق داخل جمجمتي
أبخرة ضبابية، تملأه
ثم تصمت الأصوات وتموت الصور
أناديك ورائحة الموت تفوح من جثتي
مذعورة أمضي في العراء
أرى أشباحا تقود عميانا
يبحثون عبثا عن إبر الضوء
أيها اللّيل الحميم لا تنم قبل
أن أتسلّق نجمة ترتقي بي سلّم الضوء
بأقصى سرعة
أصعد أعالي السماء
لأضع السوط في قبضة ملك الموت
علّه يخلّصني
بهدوء دامع جلست على الطرف الآخر
في ضيافة البياض، بابتسامة سوداء
وبيد مرتجفة قرعت باب السماء
فإذا غيمة تشبه اليد
هزّت شجيرة الرحمة
فتسّاقطت أوراقها في بستان صبري
على جسد الورق
أرمي إليك بكلمات أنثى
في حلقها تتكدس جثث الحروف المنتحرة
لمياء القفصي