يحدث الكثير من قصص الحب
دون أن نشعر بها ، إذ قد لا تستمر سوى ثواني قليلة
او حتى قد تحدث كالومض ، في الشوارع، بين سيل السيارات ،
وسيل
الكلمات .
لن تمسك يد من أحببت هنا
لن تقول له تلك الكلمة الخطيرة ، التي تطلق العنان للوهج الساذج ، لكن قد تحب و تغرق في حب الناس
وأنت في الباص
هنا ، تحتك الأجساد عن دون قصد ،
تقترب الأنوف و الأفواه و العيون إلى درجة غريبة !
وتستولي عليك هيمنة الرائحة
اليوم
لطمتني رائحة امرأة !
لا يمكن أن توصف بعطر امرأة
ذكرتني بالتراجيديا اليونانية و الحروب تحت اسوار طروادة ، وشعرت بقدمي تخوضان في الطين الذي لا دين ولا مذهب له غير الارباك والاعاقة أمام بيتنا !
ذكرتني
بمسيرات الطلاب في الجامعة
وعلكة النعنع في جيب قميصي الزهري !
سألت نفسي : هل هي على قيد الحياة ؟
إنها تتنفس و تعض خدها من الداخل !
ثم
تخيلتُ الباص ينحرف و نوشك على الموت ، وانا اسأل نفسي فيما اذا كنت سأختبئ في حضنها ؟
أمامي رجل خمسيني
تأملتُ قفا رأسه ، الجانب الأيسر أكبر من الجانب الأيمن
شعره مثل حشود الجوعى أمام الأفران !
تأملت عنقه ، إنه يهمل نفسه ، وكما لو أنه سيئ مع زوجته !
لعلّه يهرب من الصباح الباكر كي لا تناكده !
لماذا يصمت و يتأمل الرصيف و يرمش عينيه كثيراَ !
هل يمنع نفسه من البكاء ؟
هل هو مليء
بالأمواج
مثلي ؟
اسمه أحمد
اهو اسمه حقا
ربما علي أو سليم !
ربما صادفته مرة ثانية ، يجب عليّ أن أحفظ شكل رأسه قبل أن يترك الباص ، ويختفي .
على يساري صبية صغيرة الحجم كثيرة البثور
رغم بشرتها البيضاء الناصعة و شفتيها الملونتين و الغضّتين كم هي ماهرة بالعلكة ، و
طقطقتها
تحدّث أحدهم على الموبايل :
هل أطعمتَ الكلبة ، هل عملتْ كاكا أوووه طيب ، لن أتأخر .
لمحت اسم الشخص الذي تحدّثه !
( ابن الكلب ) هههه وضحكت
ضحكتُ من قلبي .
أم و ابنتها خلفي
الأم محجبة كذلك ابنتها الصغيرة في طقس لاهب .
يا رب الأكوان ! ما هذه المسؤولية الجمّة التي تلقيها على كاهل امرأة ؟
و
الطفلة بخديها المتوردين ووجهها بالغ الإلفة
تتفوه بكلام حار وبذيء ، وتزجرها أمها : عيب يا بنت !
رحت أفكر
ما هو العيب؟
أليس من الصعب التقرير و التحديد ؟
أليس من الصعب في ظل هذه الفوضى ، وهذا التنافر الذي طال كل شيء أن تعرّف العيب أو الحرام ، وعلى قولة صديقتي الرّوسية " خرام"
قلت للسائق : أنزلني هنا !
قال بعفوية محتشمة : تفضلي يا أختي
يااااه من زمان لم أسمع هذه الكلمة ، أليس هذا جميلا
أليس شيئا رائعا أن يكون لديك أخ
أن اكون أختا لأحد ما ؟
ماذا لو عرف بأنني شاعرة مهمة؟
هل كان سيفخر بي ، قد لا يعنيه هذا بشيء
ربما منعني من نشر صورتي و نصوصي خوفاَ علي
ربما فرض عليّ أسلوب حياة لا يعجبني
ربما عاملني بوحشية .
من يعرف !
من يعرف يا أخوتي
ما الذي يمكن ان يحدث لنا
وسط كل تلك
الأمواج .
مريم الأحمد