اسْكُتْ..
...
حسَناً..
سأجرّبُ هذه المرة أن أكتبَ شعراً
وسأبذلُ طاقتي بصدقٍ كي يبدو حداثياً..
سهلةٌ..
سأَقلِبُ بعض الصورِ والمَشاهدِ
وأُعيدُ وصفَ الأشياء على غير ما اعتدتم..
سأكتبُ عن الشمسِ التي تُشرق من منتصفِ الصالةِ..!
وأحكي لكم قَصصَ الغيلانِ التي ترتدي التاكسيدو
وربطاتِ العنقِ الإنجليزية..!
وأبالغُ في وصفِ رومانسيةِ نيرون،
ووسامةِ باسم السَّمرة،
وطيبةِ قلبِ هيرتز،
وقساوةِ الغزاويينَ كلما تأوهوا بأصواتٍ تُقطّع قلوبَنا،
وعدم استحقاقِ قيصرَ لحُضنِ بروتس الذي ظنّه الغبيُ طعنةً..!
سأحدثُكُم عن فئرانٍ تتكلمُ،
وأبقارٍ لها أجنحةٌ طيارةٌ،
وقبورٍ حلوةٍ ذات طابقين،
وهواتفَ غير مراقبةٍ،
وعبقريِّ حِسانٍ،
ويخوتِ محرم فؤاد الفضيةِ التي تملأُ البانيو الآن..!
سأرسمُ للمارةِ طُرقاً عريضةً
لا تخنِقُها إشاراتُ مرورٍ تمنعُ دهْسَهم،
أو عساكرَ دوريةٍ تطاردُ الأفكار في دماغِهم اللعين..!
بل ربما تماديتُ
فأصِفُ خَلْخالَ جارتي الحلوة
وفخذين بضَّين
أنقشُ بينهما قصيدةً طريةً من وَحي إيروس العظيم..!
..
فقط بعد كل هذا..
رجاءً..
اتهِمُوني بالشعرِ والجنونِ..
اتهِمُوني أني كسرتُ وزناً هنا..
أو جفّفتُ بحراً لمولانا الخليل هناك..
انعتُونِي بصفاتٍ مثل "يا أيها المتحرر"،
أو نادوا "اقبضوا على هذا الحداثي الهارب"..!
ويا حبذا لو قُلتم "يا عميل بارت"..
أو يطعنُني أحدكم صائحاً "مِتْ أيها البرناري المتمرد"..!
ساعتها ربما أنجحُ في كتابة قصيدةٍ جيدةٍ
لا تنتهي بمفارقةٍ مدهشةٍ،
أو تناصٍ يُعيد لأذهانكم سلطةَ المقدَّسِ..!
وقتها فقط
ربما
(عرفت أسكت)..!
وليد ثابت