بيانٌ غامض
.................................
رياض ناصر نوري
كثيرة هي الحرائق ُ
التي اندلعت في غاباتِ الروح ِ
ليلة البارحة ،
وقتما
كنّا نغرقُ في نهر ٍ عميق من الكلام
عن الكتبِ الصفراء ..تحدثنا
عن البلاد
التي يتكاثرُ فيها الشّعراء بسرعة ٍ
اعني البلاد المليئة
بفقاعات الصابون البلدي..،
وحين كانت الحرائق
قد باشرت اكل حجارة البيوت
كنا نكتب عن النساء
وفضلهن في السرير والمطبخ
وتنظيم نسل الحاسة السادسة ..
كنا نكتب ُ ...
عن الحدائق ِ العارية
التي لانملك ُ منها
حتى صوت الجنادب
حين تبدأ العزف
آخر الليل
لانملك صنبوراً واحداً
لنوافيرها المعطلة
منذ خصام العاشقين
حول مهمة الأظافر
في الحبّ .
الحرائق الكثيرةُ
التي اندلعت في سهول الذاكرة
والتي لم يعد كل " الفرات "
بقادرٍ على إخمادها
اندلعت ..
بسبب حرارة ايادي ..
الشحاذين وقراء الفال
أولئك الذين اعتادوا
أن يقولوا لنا :
صباح الحقائق أيها الشعراء !
الحقائق التي يبثها هواء كانون
فنرد بيأس وحزن :
سنكتب ُ غدا عن جمال أولادكم ..
في يوم ٍ شديد البرودةِ ،
انتظرونا،
سنكتب ُ كذلكَ ...
عن حركات اياديكم وهي تهزّ بعنف
حجر َ الودع الأبيض..
فوق طاولات ارصفة المقاهي
لتصرخ : شيش ..يك !!
سنكتب ُ كذلك
- بعد أن يخمد ألهُ الماء تلك الحرائق.-
-اذا بقي متسعٌ من الخيال -
عن تلك البصمات العجيبة
التي تركها سرب عصافير على الطين
لقد التقطنا لتلك البصمات
الكثير من الصور !
كما تفعل عادة الشرطة
حين تبحث عن أدلة
أسباب الموت المباغت
امام عربة خضار ِ !
كثيرة كانت الحرائق الليلة
ونحن ...
لم نزل نتبادل الرأي والمشورة
نختلف تارة
عن أسباب نشوء الصحارى ،
وإصابة الكرز بالحمى الحمراء،
ونتفق لبضع ثوان فقط
أن تلك النجوم المضيئة في آخر السماء ِ
ماهي الا شعرٌ
في باب الرثاء السريّ
تسرّب من قارورة شرودنا
ليلة ..
اندلعت تلك الحرائق
في غابة الروح
والتي لم يعد
كلّ هذا "الفرات"
يكفي لإخمادها !!!
●● ●●