لاشأن لي بالوقت ..
فأنا منذ زمن بعيد أتأمّل الحائط
كثير من مواعيد فائتة ... أهملتها
أوراق مكدّسة في الروزنامة ... لاتعنيني البتّة
غير أني أرتّب أيامي.. كمالوأني أبدّل ملابسي لاأكثر
فأنزع من التقويم رائحة الماضي
أغيّر محطة الراديو ... ليتغير مزاج القلب
الموجة كثيرة التشويش .. كل الأغاني مملة
وحده البحر يجيد غنائي
أشرب الشاي .. فلاأحب كثيراً مذاق القهوة
ولاأعلم سبب دعوتي لمجموعة سيدات المجتمع
أسمع الأحاديث ولاأشارك فيها إلا قليلاً ...
كأنّي مصابة بالتوحد أو بشيء من الاكتئاب
أنفخ تارة في العدم .. لعل خبز روحي ينضج
وتارة أبلع الهواء لأضيف وزناً لي كبالون ..
أحلم لو أصعد جنح غيمة .. فأشاهد الناس بذور عبّاد شمس
أو أستقل حافلة تمضي بي وحدي ... كدولاب سائر
لاسائق يزعجني بنظراته وسؤاله عن المحطة ..
لاركّاب تقرع طبلة رأسي بأحاديث مزعجة ..
كل الطريق لي ... تحدّثني النافذة فلاأفزع
أملك النقود الكثيرة في جيبي ... كالمجانين
أضع ألف دولار في فم الآلة .. وأرفع بإصبعين لشكرها
في طريقي لنفسي .. وأنا أنزل من مغارة الشك
أصعد نحو حريتي ... تاركة ذكرياتي بأحذيتها البالية
أمشي حافية على عشب القصيد ...
أمرّ بطفلة الحروف أضمّها وأهديها قبلة
ثم نركض سويّة وراء فراشة تأخذنا لبلاد عجيبة
كلوحة غريبة أرى الحياة .. أدخل وأخرج منها متى أشاء
ألعب الطاولة بمهارة .. أرمي النرد بقوة
ولاأعرف كيف أحرّك قطعة واحدة ..
أحبّذ الشطرنج .. لكنني لاأفرّق بين أحجاره كلها
أحفظ شكل الجندي جيّداً .. يرتفع شهيداً في كل معركة
ركن أسود للكون والكعبة ... وأبيض لأمي رمز السلام
أما والدي الذي غاب عنا... أظنه صندوق الخشب
يضمّنا بحنان وصمت
في العيد القريب .. أصنع الحلوى للغائبين
أسأل عن جيب أبي .. أخبّئ بعضها فيه وآخذ العيديّة
أذهب بكامل أناقتي لأزور قصره ..
أشعل البخور .. وأقبّل جبين النور
بيدي اليمنى أضع الورد .. وبالأخرى أسند يتمي
هذه المرة لن أبكي .. رغم حاجتي لذلك
سأروي له كل مافي جعبتي .. من أحاديث
حتى شدة ضجري ...
ورغبتي في الجلوس مع جارتنا أم أحمد المسنّة
سنضحك كثيراً حتى يقول لي اصمتي
خوفاً علي من انهيار .. هذا القاسي الحنون كم أشتاقه !
أصحو في حضرة الموت بعد جنازتين
أدور بتنورتي المزركشة .. بعدما يحملني أخي
أطعمه من الكعكة خاصتي لأشكره على كل نزهة
ويعيدني بيده إلى حضن الدار .. ثم يحلّق كطير
كمن يمسح النعاس عن عيونه .. أكتب النثر
أتثاءب من طول سهري ... وقلة الهدوء في ليلي
أغني كثيراً بين السطور .. قيامات غد
ووجه فرحي ... مرايا باقية الأثر
قلبي زجاجة ... مكسورة في النصف
وثمة سهم عميق مغروز في النبض
لاتقوى أختي على قتلي .. أو شفائي
تتركني أتأرجح مع تقلبات الطقس
أتجاوز طفولتي لأكبر بجرح
يفوقني طولاً وعمراً ..
أسميه القدر اللعين ... وأدفنه
أقيم لروحي العزاء .. وأنبت كشجرة تين.
لينا العجي