تواعدنا أن نلتقي هنا
عند وعد وقتيّ
أنا الواقعيّ وأخري المنشود..
وثالث لا أعرف ماهيته
_رّبما لو آتى أفهم نبرته_
أنا وصلت لتوّي،
كنت قريبا..
أقرعني على مسافة الطريق
أنا المتراوح في حراك الطّين
وبين جدران المدينة..
...الثلاث نقاط
لغة صمت حين لا ينفع التفصيل
أتابعها في النصّ كي لا يطول الانتظار
رحى الخطوة تطويني..
كانا على ثقة من المجيء،
هما رتّبا الوقت والمكان..
ها أنا هنا، لا قادم عن يساري أو يمين
تدور رقبتي، وجسدي ثابت كساعة حائطيّة والعقرب تطوف تلاحق اُختها..
عيناي تفتحات الأفق، أذناي مشرّعتان
لا أحد في المدى البصريّ ولا في الوتر الصوتيّ
يرنّ هاتفي، رقم لا أعرفه
_آلو، من معي؟
_لا أحد معك
_من أنت؟!
_أنا اللّاشيء
أقفلت المكالمة، وبقى أثر الصوت يدندن
صديق قديم، مازال يحمل اللهو جدارة
وإن مرّ إزعاجا على الأخرين
هنا أنا الواقعيّ،
أمرّ على هسهسة الفسائل مرور الندى
يطويني خارجا عشب العلائق وأعناق الصدى الفارغة
أتراوح في الطينيّ والفجر ومضة زائغة
ألتقفني من عسف المدى
أمشي خاشعا..
أضحى سرياليّا وجه السّراب
يتصيّد رجفة اختلاج وينقشع عن السماء
أملا وألما اُحصي خلجان الاحتدام
أنا الواقعيّ، ذلك البركان الخامد
لم يأتيا..
...الثلاثة نقاط تحاول صدّو القول وتهزم
ها أنا افضحني،
رحى تدور تخبز الذاكرة والاصداء
تعدّني كلقمة سائغة لنداء الأجواء المتوثّبة
فزعة حبّات حاضري وأمسي محطّ جدب
أرعدت في قلبي وأمطرت في مساحة أخرى
إسفنجة تمتصّ الشحوب وتقطّر الملامح شاخصة
أنتظر..
أنتظرهما..
أنتظر الإنتظار الكامن في المغزى
أبحث عن تعريف مضادد للتعب
الطبيب يقول:
"القلب المفتوح يتطلّب تدخّلا جراحيّا"
..وأنا مازلت أقيم شرياني خيمة للعالم
يتلوني هامش ما فوق المرئي آية راجحة
دون تفسير شيخ طاعن في الظاهري
أفكّ شيفرات المعنى بما يحمل شذى
لابّد للواقعي من منشود كي يصحّ شدو الحياة
لابدّ للواقعي والمنشود من طرف ثالث
هو الخياليّ ..
كي يرتقي وارفا، وافرا الصبر
وإن كان المآل فقط كتابة
غدا أو بعد غد نلتقي..
دون مواعيد ولا دقّات زاحفة
في المطلق تكمن الفرادة.
حامد محضاوي