لم أمتلك شيئاً
لم امتلك يوما مقاما
لم امتلك حضور سميح القاسم
وهو يقصف العالم بشعره ، ولا صوت محمود درويش ونظرته من فوق النظارة ،
ولا تحليقات يده عاليا ،
وهو يعلو بالقصيدة .
لم امتلك رقة نزار قباتي
وتكويرة اصابعه ،
وهو يداعب حلمة القصيدة ،
كي تشهق بين يديه .
لم امتلك فلسفة ادونيس وتعاليه
لم أمتلك لغة احمد شوقي ،
او الشنفرى ،
ولامهارة التلاعب بالكلمات ،
كصديقي احمد سليمان
لم امتلك قوة بدوي الجبل رغم انحداري
من منطقته نفسها
ولا سلاسة العجيلي في أسفاره .
لم أمتلك رأفة نازك الملائكة ببناتها
( القصائد )
ولا قوة حافظ ابراهيم ،
ولا جمال كلمات بيرم التونسي
او بساطة أحمد فؤاد نجم
كيف لي أن أتعالى على اقراني ؟
أهو بسبب الخصر النحيل
والردفين المكتنزين ،
والصدر الصغير إجاصي الشكل
أم بفضل الأصابع الطويلة ،
ونعومة البشرة والعينين الشهلاوين .
اللتين لم تلحظهما موظفة النفوس
وكتبت في السجلات بأنهما عينان بنيتان ، واغاظتني .
أبدو اليوم مهووسة
بل أشعر بأنني خلقت مهووسة
مالي والمقارنة ووصف شكلي ،
وما علاقة الشعر بالجمال
أعني جمال الشاعرة .
حسدتُ ممدوح عدوان
ونصبت امام عيني كلماته
(أنا العدوان الوحيد في الوطن العربي)
كتعويذة ، عندما ردّ على سؤال غبي
لمحاورته البليدة ،
تلمح فيه إلى كونه شخص عدواني .
حسدته كثيرا
فهو يكتب القصةو المسرحية ،
ويترجم الشعر والرواية.
ويكتب كذلك الشعر .
يكتب بحثا عن الإنسان والسلطة
وعلاقتهما المعقدة
ويموت مع كأس عرقه
في عز عطائه .
اجل مازلت احسده
وهذا يجعلني اشعر بالشّذوذ
وكأنني مجرمة .
لم امتلك شيئا مما ذكرت
لكن مَلكاتي كانت مختلفة
لعبت الجمباز وتعلمت السباحة
ولم أستطع ركوب الخيل ،
فركبت عقول الذكور بحارتنا
درست اللغة بجد ،
وقرأت ما لايحصى من الكتب ،
التي وقعت تحت يدي ،
كي أكتشف جهلي الكبير .
عشقت البحر حتى فارقته ،
وتغرّبت عنه
قرات بنهم
تزوجت هاويا للقص
فانتقلت من زوجة وام وخدّامة طبعا
لمنقّحة نصوص ذلك الزوج الذي كان ضعيفا بالعربية ، ولكنه قادر على بناء قصة جميلة ، وكم هزأ بي وبكتاباتي .
لطالما أدركت
بأنني امتلك رغم هذا نظرة فراغية
وحسّا هندسياً
وحباً لعلوم المساحة وطبقات الارض ،
ولطالما فكرت ان كان
هذا ينفع ببناء قصيدة طابقية ،
أو مسطحة ،
وربما قصيدة بمنحنيات وأقواس
وجسور وكلمات معلقة ؟
لا أدري .
كل ماعرفته
انني انتشي لسماع الشعر
واتحول لدودة في قراءة الرواية
وقرادة تقرض القصة ، واكاديمية في قراءة الفلسفة او كتاب الاقتصاد السياسي الجاف
وأتحول
لعاشقة عندما اقرأ كتب الحب
وناقدة عندما اقرأ نصا لشاعر حديث ،
لم أصنفه مع الأيقونات .
تهامة رشيد