خصلةُ عشقٍ سيئة السُّمعة
___________________________
لا بدَّ لي
أن أعترفَ بكلِّ شجاعةٍ
أنّني حبيبةٌ غيرَ جيدةٍ ، فأنا قلقةٌ دائماً
و القلقُ خصلةُ عشقٍ
سيئةُ السّمعة !
هناك وُلدتُ
في مساكنِ مطارٍ عسكري
و هذا لا شأنَ لهُ بالعشقِ و القصائدِ
له علاقةٌ - فقط - بالقلقِ الذي يعلو قوةً
صوتَ الطّائرات ؛ واضحٌ إذاً
كم كانت طفولتي
قلقةً !
عندما
حِضتُ للمرةِ الأولى
اختبأتُ أسفلَ السّريرِ
أعضُّ يدي لأكتُمَ صوتَ بكائي
في اليوم التّالي أخبرتُ أمّي بقلقٍ أنّي
قد أموت ، وبّختني قائلةً : " ستموتينَ لو تكلمتِ
مع الرّجال " ، و بتجهمٍ أكدّت جميعُ قريباتِنا
و جاراتِنا مقولةَ أمّي ، من يومها
كلّما قالَ لي رجلٌ : " مرحباً "
أعضُّ يدي و أركضُ
قلقةً من أن
يقتلَني !
في المراهقة
كانت عمتي تقصُّ ضفائري
بتسريحةٍ أقربَ لأكونَ بها مصطفى
و كانت أمّي تُوصيني دائماً بألّا أضحكَ
كنتُ قلقةً دوماً أن تفلَتَ مني
ضحكةً على طريقِ
المدرسةِ ، فأرسبُ
في صفي !
ذاتَ صباح
من غير قصدٍ كرجَتْ ضحكتي أمامي
فأمسكَ بها زميلي بدهشةٍ قائلاً :
" أوف ضحكتك شو حلوة "
فشكوتُهُ للمدير ، و أكملتُ
مدرستي الثّانوية
أُعاني فوبيا قلقٍ
من أن تعلمَ
أمّي !
في الجامعة
كان القلقُ زميلي و أستاذي
يخرجُ من كوبِ النّسكافيه ، من المحاضراتِ
و منَ الطّريق ، زميلاتي المُحجبات رأينَ
أنّي قد أدخلُ النّارَ و عليَّ القلقُ جدياً
كوني سافرةً ، بينما المتحررات
قُلنَ أنّي أنثى طموحةٌ لكن
قلقةٌ ، إذْ تنقصُني الجرأةُ
و علاقةٌ جسديةٌ
لأكتمل !
حبيبي الأول
كانَ بسيطاً طيباً ، أحبَّ أصابعي
لكن قبلَ انقضاءِ عامٍ افترقنا
لشدّةِ ما منعتُ عنهُ يدي
لم يكن يفهم قلقلي
الشّديد ، من أنْ
تصبحَ يدي
حُبلى لو
قبّلها !
ثمَّ
لم يتغير شيءٌ
بمزيدٍ من القلقِ تابعتُ حياتي
من عيون مديري ، من يدِّ سائقِ التّكسي
من جارنا الذي يشتمُ زوجتَه و يضعُ أحبّبته
على صورتي الشّخصية ، من مجتمعٍ
يراني فاشلةً بألّا أصبحَ عروساً بعد ،
من الحربِ ، و النّقود النّاقصة في
حقيبتي دوماً ، من العتمةِ ،
من غربةٍ في وطني
و الآنَ منكَ !
فاطمة خضر