نصوص
قيس عبدالمغني
(1)
لم تكن في حاجة إلى الشعر؛
كانت ستكفيك امرأة رشيقة
تجتاز مخيلتك ..
بعطر خافت ..
وقدمين جميلتين .
لم تكن في حاجة إلى الحب ؛
فحانة صغيرة ..
بين صنعاء و عدن ..
تقفل في الثالثة صباحاً ..
كانت ستفي بالغرض .
لم تكن في حاجة إلى وطن ؛
أو بطاقة هوية ؛
فصديق يسحق سيجارته ..على الطاولة ..
و يهب إلى المشفى ليتعرف على جثتك ..
كان سيغنيك عن الصراخ ..
جاثياً أمام قنوات الأخبار .
هذه الحياة برمتها ..
لم تكن في حاجة إليها ؛
لكنني أعلم أنك حين وقفت أمام دكان الله ..
لم تجد موتاً أقل .
(2)
هل عرفتِ من قبل رجلُ كهذا ؟
رجلٌ تزداد حدةٌ غيابه كلما أقترب منكِ
وتنهار أحاديثه المعدة سلفاً كلما أرتطمت عيناه بتفاصيلك..
رجل يفشل في أن يثرثر مع غيابك
و كلما قرر أن يبادلك الصمت
يتلعثم في صمته ..
هل عرفتِ من قبل شيء كهذا ،؟
(3)
كل ذكريات الحب التي دفنتها صارت ألغاماً لايمكنني التنبؤ بأماكنها..
حياتي الآن يلزمها سياج شائك و لوحة تحذيرية لجمجمة وعظمتين متقاطعتين ،
في الأسفل عبارة حازمة :
- إحذر
أمامك حقل ألغام في الثامنة والثلاثين من عمره .
(4)
في هذه اللحظات
شوارع المدن في الكوكب كله فارغة و خالية إلا من افتقادي لك ..
إنه يتسكع بحرية خارقاً حظر التجوال
يحتشد بمفرده متحدياً حظر التجمعات
يختلط بذاته ليمعن في تعريض نفسه لفيروسات الشوق ..
إنه يبكي بلا محارم
و يلهج و يسعل بأسمك دون التقيد بارتداء كمامة..
في هذه اللحظات
لا يمكن لأي طبيب أو ممرض أو حتى شرطي
في العالم كله
أن يمسك بافتقادي لك .
(5)
تميزت بك
كان حبك هو عنواني الوحيد
كانت ملامح وجهك مرآتي
و ابتسامتك بطاقة هويتي ،،
الآن ..
و بعد انطفائك
لم يعد هناك من أحدٍ
- حتى أنا
يمكنه التعرف عليَّ.
(6)
يصعب أن أفتقدك في هذه الساعة المتأخرة من الحرب
لكنني أيضاً لا أكتفي بإشعال سيجارة يابسة
بل أتساءل وأنا أزين هذا الليل لنفسي :
ترى
كم نقطة تفتيشٍ تفصلني عن سريركِ في هذه اللحظة؟
(7)
ها نحن نكبر معاً
مثل عائلة سعيدة
أنا
و أنت
والمسافة التي بيننا .
(8)
لن تقتلك طعنات اليأس .. سيقتلك مِزاح الأمل .!
(9)
وحين تصل إلى قبرك بسلام
سيسألك كبار الموت عن سر مجيئك الباكر
قل لهم :
- ثرنا مع الثائرين
هدمنا السجن فدسوا لنا السم في الحرية..
أو قل :
- خراف كسرنا سياج الظلم في عقر غابة
قل :
- أصبت بفتوى كاتمة للصوت وأنا أؤدي في سبيل الحب صلاة" و أغنية ..
قل :
- محض موت ليس إلا
أو قل :
- أنا يمني..
إن خانتك الإجابة.
(10)
كل الأنباء الواردة من خزانة ملابسك الليلة
تؤكد بأنك لن ترتدين غدا"حمالة صدر ..
آه
يا غيمة الغد
كوني معي
بللي خيال من مسه العشق
بالماء و القصائد .
(11)
تعالي إلى صدري
ولو على هيئة رصاصة
(12)
في الحفلة
كنت سعيدًا بالرغم من أنني قضيت معظم الوقت و أنا أفتش عن مكان ملائم للبكاء ..
في الحفلة
كنتِ جميلة بالرغم من غرورك
و أنيقة جدًا بالرغم من أنكِ لم تحضرين .
(13)
قال لي و هو يلوح بالكيس الذي جمع فيه أشلاء قريبته
- تخيل !
كومة العظام و اللحم هذه
كانت أفضل من يجيد الرقص في قريتنا.
(14)
- هذا الحطام مأخوذ من قصة حقيقية.
وأشار إلى نفسه.
_____________