مجلة قصيدة النثر

اصوات شعرية

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

روحي ليست هائمة بأحد _ عامر الطيب



روحي ليست هائمة بأحد



سيأتيني الموتُ هذه الليلة الماطرة
 بهيئة جسدكِ الذي أسأتُ إليه 
لأضمه معتذراً
فيعفو عني !


صدركِ الذي يبدو متوهجاً كم أشعر ببلادته وأنت تغطينه بقماش صاف كهرب الفراشات ، كم أشعر بحاجته للهرولة مع كرات الثلج، 
وحيدة أنت بانتظار أن أتبعك وحيداً أيضاً
كلام كثير يلاحقنا مثل مبخرة لكننا نبلغ مدينتنا بمفردنا،
هكذا منذ الأزل كانَ مقدراً
علي و قدمي بمكان ما
أن أختار مكاناً آخر ليدي !

..

رأيت شبابي يموت شيئاً فشيئاً و لا أستطيع الدفاع عنه أو الحفاظ عليه. 
 تباً لي لماذا صرت نبيلاً و ساذجاً
كالأرض المغمورة بالماء؟
تباً لي لماذا قبلتُ أن تصير عيني مقبرة ؟
أن أنام لأغسل أقدام الموتى ؟


بقي لدي الذي لم يبق لأحد سواي 
الذي لا يسلي ولا ينفعُ
الصبر الضئيل على حياة لم أحلم بها 
الشهوة الدافئة كرمل الساحل:
الوطن الذي تطلبون مني أن أحبه 
الوطن الذي لا يتذكره المرء
إلا عندما يشاهد فيلماً غامضاً
حيث يطلق الجنودُ الرصاص 
على الأمطار !


روحي ليست هائمة بأحد،إنها طاقة مكتومة و معتمة
كجسد نسي اليد
التي تسعده
يتم تمرير الأصابع الغريبة عليه الآن 
لكنه لا يتذكر شيئاً .
روحي ليست قوية أنها عادية
كقطة عند قدم طاولة
و بوقت الفراغ ستحلم بقدم الإنسان !


أين هي الأبدية لقد أحببتُ الآن 
ونسيتُ الآن؟
دون أن أهمس أو ألمس
دون أن أصير التابوت أو الحجرة أو القمر
دون أن أطيل النظر إلى الفوانيس أيضاً
لقد مر الليل سريعاً ورحيماً 
كرجل وضع طعام الحشرات
على الشباك!


يا إلهي لقد اخترتُكَ من دون الجميع لتغدو رفيق كبريائي و قذارتي.
أنت الذي تعرفني كيف أبدو ساخراً و أنا بليد كعصفور يرتعش في الغيم .
لا الشعر يفيدُ ولا الدمع الذي يغسل أخطاءنا بازدراء
لا الحب و لا وداعات المحبين
لا البروق الصافية ولا أغاني المهاجرين ليلاً.
يا إلهي لقد أحببتك بعيني بينما أحبَكَ
البشر بألسنتهم و أرجلهم و بآذانهم أحياناً.
إنني لأطلب منك
أن تطهّر عيني من الأشياء الصامتة
و من النوم!

.

زمن العراقيين ولى وهذا زمن الذين سيبنون عراقاً
جديداً من كلمات مبهمة، عراق خال من الخبز و الخمر و اللحم و الخزي ، عراق بحجم كون قوي و هائل 
أيتها الأجساد النحيلة
التي لن يمنحها أحدٌ ليلاً !


خبر الموت بعيد كرائحة قدمين جوالتين،
الطبيعة الأم تهرع لنجدتي
لكنني أحبكِ بالانكبابِ
على مطالعة نفسي، تقويتها أو شدها من أذنيها
كما يفعل الفلاحون مع نعجة سيئة المشي.  
لكنني أصرخ 
كوردة مدفوعة لتقديم قربانٍ ما
تنتظر الهواء العاصف لتدفن رأسها !

 
عامر الطيب 
.

عن الكاتب

شاعر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مجلة قصيدة النثر