تفاصيلُ قديمةٌ داخلَ صندوقٍ مُهْمَلٍ
مسافرٌ تجرُّه القطاراتُ إلى بلادِها البعيدة
تفتح له النوافذَ لتطلَ على أحياءٍ
سقطت سهوا من مدينةٍ فاضلة
نعم ،هي النوافذُ يا أحبّتي
الملاذُ لأنفاسٍ ارتفعت حرارتُها
وقاربت على الاشتعال
النوافذ هي نقطةُ الخروجِ الآمنِ لأرواحِنا المضطربة
أعلمُ تمامًا أن الحنينَ إلى الماضي لا يعيدُه
بيْدَ أنه كسحابةٍ تبعث الأرضَ الموات
آلةٌ أسافرُ بها إلى الوراء بلا حقائبَ ،
وبغيرِ قبلاتِ المودعين
كوليٍّ يراهُ المريدون فى نفس ذاتِ اللحظة ،
فى أماكنَ مختلفةٍ
بينما هو متكئٌ على أريكته .
في الداخلِ المظلمِ العميق ، حيواتٌ تترسب فى القاع
آناءٌ صالحةٌ للحياة مراتٍ أُخَر، تنام بسلام
فى انتظار اللحظةِ التي يسوقنا الشوقُ إليها
تلك اللحظةُ التي فيها تجد هواءً مختلفًا يستعمر رئتيك
قد تغمضُ فيها عينيك وتفتحهما على مَهَلٍ
وتمصمص شفتيك ببطء شديد
قد تضربُ بيدك حائطا ، نادما على فرصةٍ فاتتك
ولم تغتنمها .
قد تلعنُ شخصٌا ، فرّقَ بينك وبين حبِّك البكر
وأياما أعطتْكَ أمرّ ما فيها ومرت مسرعةً
دون أن تأخذَ بثأرك
تهزك تنهيدةٌ طويلةٌ ،
تُخرِجُ معها صورا متوالية ،
دون أن تضغطَ على زرٍ
يشير إلى الأسفلِ في لوحة المفاتيح .
داخل صندوقٍ مهملٍ ، ترقد تفاصيلُ قديمةٌ
لا تزال تنبضُ بالحياة
فقط تحتاج إلى كفٍ حانيةٍ تطيّر الغبارَ عنها
ساعةُ يدٍ تَوَقَّفَ قلبُها منذ زمن
وردةٌ جفّ ماؤها بين دفّتيّ كتاب
جملٌ متناثرةٌ بين أسطُرِ دفترٍ قديم
عناوينُ بيوتٍ وَقَفْتُ أمامَها
كشاطئ يجتاحُهُ الموجُ حينا
ومرةً يزورُهُ كضيفٍ لطيف
أسماءُ بناتٍ كُنّ في عمر الربيع
بَقِيَتْ رائحتُهن بين الأحرف الباهتة
وأرواحُهنّ المرحةُ تطوف كمروحية في طريقها للسقوط
شغفٌ يراودُني لأبقى هنا
تغمرُني السعادةُ وكأني أصعدُ إلى الفردوس
إلا أن نهايةً محتومةً تنتظرني
وتفاحةٌ صغيرةً كانت كافيةً
لتعيدني ثانية إلى الجحيم.