صنعاء ... ما أبعد صنعاء (مقاطع):
(محبة لليمنيين في يوم التضامن العالمي معهم)
مفتتح:
عند باب اليمن
قال لي صاحبي:
"إن نزلتَ بصنعاء
واستقبلتكَ المنازل
آهلةً بالنجوم
فلا تنسني!"
قلتُ: "إنْ"
طائر:
هناك في الجامع الكبير
طائرٌ غريب
يقلّب المصحفَ في الهواء
ولا يطيرُ أبداً
طائرٌ لا يراهُ أحد
ساحة:
عند سوق النحاس
انعطفتُ إلى ساحةٍ
خلتُها عندما ارتفعتْ خطوتين عن الدرب بيتاً
حوانيتها غرفاً
والنجوم التي اقتربتْ ثمراً
ساحةٍ من ظلالٍ
وناس يحيّونني بالرياحين
هل أدخل الآن؟
تنقصني خطوةٌ ويضيء المكان
صداقة: إلى الطفل محمد
مدّ لي راحةً
فسألتهُ: " ما اسمك؟ "
قال: " محمّد "
" أتصافحني
- قلتُ –
أم أنت طالبُ سؤلٍ "
قال: " لا " مطرقاً
ثم رافقني جولتين
بصنعاء
محتبساً دمعةً حين ودّعني
هل تُرى نتصافح ثانيةً
يا محمّد؟
فضيلة:
إذا كان للسواد من فضيلةٍ
فهي أنني
لا أريد أن أرى وجه صنعاء يبكي
حافظ العاشق الذي رافقني سائقاً:
نبتةُ القات أم غابةٌ
أنت فيها اليتيمُ الذي ضاع
أنت المتيّم
"صنعاء ...
صنعاء "
تهذي
وأنتَ بصنعاء
أيّ الطريقِ إليها
وأيّ الطريقِ إليك
وبينكما نبتةُ القات
بينكما غابةُ
سوف تقطعها باكياً
في المساء
إلى حافظ أيضاً:
حين غنّى (السنيدار)
" يا غصنَ صنعاء "
ألفيتُهُ واجماً
يقطفُ القاتَ من غصنهِ،
ويردّدُ:
" يا غصنَ صنعاء
يا غصنَ صنعاء
آهْ "
درب المجانين:
فجأةً
أجدني في دربٍ ضيّق
وسْط أناسٍ يحتشدون
وطائرٍ يصيح:
"سلامٌ عليكم معشرَ الأنس
سلامٌ عليك أيّها الطائر
وأنت أيها الغريب
عليك السلام "
سوق الملح: إلى كامل شياع
لا أدري لمَ كان البَيْض أشدّ بياضاً في سوق الملح
والبطاطا أشهى
خلف براقع البخار
وأقراص الخبز البيضاء
أشدّ تواضعاً
في عربتها المدفوعة باليد
قال كامل وهو يمضغُ الخبز:
"أندخلُ هذا الممرّ "
قلتُ له وأنا أمضغ الخبز أيضاً:
" لندخلْ"
ثمّ لم نبصر السوق
كنّا ببغدادَ نقطعُ ذاك الممرّ
خاتمة:
قال لي صاحبي:
" إن رحلتَ
ولم تنسني
فتذكّرْ
أنّ طيراً بكى
عند باب اليمنْ "
قلتُ: "إن"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مجموعة "ولائم الحداد" 2008 عن دار النهضة العربية - بيروت
2004